تحرير: نهى النحاس
مباشر: تعقد إسبانيا انتخابات عامة مبكرة في 28 أبريل الجاري، وهو التصويت الذي قد يحمل بعض النتائج المفاجئة التي قد يكون لها تداعيات أوسع على المشهد السياسي الأوروبي.
ويشير تقرير نشرته شبكة "سي.إن.بي.سي" الأمريكية إلى الأسباب التي تدعم أهمية الانتخابات الرابعة في أخر 3 سنوات في إسبانيا.
لماذا تعقد إسبانيا انتخابات مبكرة؟
دعا رئيس الوزراء الإسباني بدرو سانشيز- زعيم حزب العمل الاشتراكي- إلى الانتخابات في فبراير الماضي، عقب انضمام الأحزاب الكتالونية الانفصالية إلى أحزاب اليمين المعارضة رافضة مقترح الموازنة العامة للدولة عن 2019.
وتولى سانشيز مهام رئاسة الحكومة الإسبانية منذ أقل من عام، حيث تولى المنصب في يونيو الماضي بعد تصويت سحب الثقة ضد رئيس الوزراء الإسباني السابق ماريانو راخوي والتابع لحزب الشعب.
ونتج عن الانتخابات الإسبانية لعام 2015 برلمان معلق لم تتمكن الأحزاب الرئيسية من التوصل لحل بشأنه، مما أدى إلى تصويت جديد في 2016 تم انتخاب راخوي فيه رئيساً للوزراء.
ما هي الأحزاب المشاركة في الانتخابات؟
تشارك الأحزاب الإسبانية الرئيسة في الانتخابات وهي، حزب العمال الاشتراكي اليساري، وحزب الشعب الليبرالي (يمين الوسط)، وحزب أقصى اليسار "يونايتد وي كان".
كما يشارك حزب المواطن، وحزب "فوكس" الذي يمثل أقصى اليمين.
وفضلاً عن ذلك فإن هناك عدد كبير آخر من الأحزاب والتحالفات الصغيرة ستشارك في العملية الانتخابية، بما فيها القطبين المتنافسين والداعيين إلى الاستقلال في كتالونيا حزب الجمهورية اليساري في كتالونيا، و"معاً من أجل كتالونيا".
ويعد حزب "فوكس" أحد أحدث الأحزاب على الساحة السياسية الإسبانية حيث تأسس في نهاية 2013، ويوظف نوعاً ما مجموعة من تيارات الاشتراكية والقومية اليمينية مع التركيز على القيم العائلية المحافظة.
كما أنه الحزب اكتسب شعبية في أوساط الناخبين الساخطين من من محاولات الحكومة للتعامل مع الانفصالية الإقليمية التي يعارضها الحزب بشدة في إقليم الباسك وكاتالونيا والهجرة.
وفي نهاية العام الماضي أحدث حزب "فوكس" ضجة داخل الحياة السياسية في إسبانيا بعد الفوز بـ12 مقعداً في الانتخابات الإقليمية في أندلوسيا متجاوزاً بشكل كبير التوقعات الخاصة بأن يفوز بمقعدين أو ثلاث مقاعد.
من يتوقع فوزه؟
استطلاعات الرأي في الأسابيع الأخيرة تشير باستمرار إلى أن حزب سانسيز (العمل الاشتراكي) قد يفوز بأكبر نسبة في التصويت، ولكن تلك النسبة لن تكون كافية لأن يحكم بمفرده.
وكان الحزب يمثل حكومة أقلية، حيث يتملك 84 مقعداً فقط من أصل 350 مقعد في مجلس النواب الإسباني الذي يعد الغرفة الأدنى من البرلمان.
وفي تلك الانتخابات المرتقبة فإن الحزب قد يفوز بـ54 مقعداً إضافياً ولكن ذلك سيكون أقل من 176 مقعد التي يحتاجها أي حزب للفوز بالأغلبية البرلمانية.
كما أشارت استطلاعات الرأي إلى أن حزب العمال الاشتراكي اليساري والذي يتفوق بهامش كبير قد يفوز بنسب تتراوح بين 28% إلى 31% من الأصوات.
أما حزب الشعب الليبرالي "بي.بي" فقد يحصل على نسبة من 20% إلى 24% من الأصوات، أما حزب المواطن فإنه مرشح لأن يحصل على 15% من الأصوات، على أن يحصل حزب "يونايتد وي كان" على نسبة 12% إلى 13% من الأصوات.
أما حزب "فوكس" الناشئ فقد يحصل على 9% إلى 11% من أصوات الناخبين.
كما كشف استطلاعات الرأي أن نسبة كبيرة من المصوتين تتراوح بين 25% إلى 30% لم تحسم حتى الآن أي من المرشحين ستذهب أصواتهم له، وقد يكون لذلك تأثير كبير على النتيجة النهائية للانتخابات.
والتكهنات تتزايد بالفعل بشأن الحلفاء الذي ينبغي لحزب العمل الاشتراكي أن يسعى لجذبهم من أجل تشكيل الحكومة.
وذكرت آنا روسنبنج المحللة بشركة "سيجيوم جلوبال أدفايسور" أن الاشتراكيين يستفيدون من التشتت في أوساط اليمين.
وأضافت: "الشعب يخشى بالفعل من صعود الأحزاب اليمينة وذلك سيؤدي إلى حشد الناخبين الذين من المتحمل ألا يكون قد أدلوا بأصواتهم من قبل، فسانشيز قدم بالفعل أداءً جيداً".
ويتوقع البعض أنه يمكن تشكيل ائتلافاً يمينياً بواسطة أحزاب الشعب الليرالي "بي بي" والمواطن وفوكس، أو أن الاشتراكيين قد يحاولوا تشكيل تحالف مع أحزاب إقليمية مثل الكتالونيين الانفصاليين.
وترى رونسربنج أن الاشتراكيين يمكن أن يحاولوا بنفس القدر تشكيل تحالف مع حزب يمين الوسط "المواطن" وهو حزب يعارض بشدة استقلال كاتالونيا وليس على اتفاق كبير مع حزب الشعب الاشتراكي، لكنه تحالف يمكن أن ينجح رغم ذلك.
وتابعت: حزب العمل الاشتراكي أعلن بالفعل أنه لن يتعاون مع حزب المواطن لكن كان لديهم مثل ذلك التحالف في الماضي كما أنه مواقفهما غير بعيدة كثيراً فيما يخص القضية الكتالونية، تلك الحكومة يمكن أن تكون مستقرة إلى حد، كل من الحزبين داعمين للوحدة الأوروبية ولكن الحكومة قد لا تكون ودودة للغاية بالنسبة لكتالونيا".
وتعتقد روسنبنج أن أكثر السيناريوهات تقلباً سيكون التحالف بين أحزاب الشعب "بي بي" الليبرالي وفوكس هو تحالف قد ينشط التوترات مع كتالونيا.
ما هي خطورة الأوضاع؟
أي كان من الفائز فإنه سيسعى للتركيز على تعزيز الاقتصاد وتوفير الوظائف.
كما أن الحكومة القادمة سيتعين عليها تعزيز تحركها الإصلاحي لجعل الدولة أكثر تنافسية ولكن مع تحجيم تنامي الشعور بالشعبوية والقضايا الشائكة أو التي تحاج إلى حل مثل الأحزاب الداعمة للانفصال في كتالونيا والتي تدفع إلى استفتاء جديد.
والاقتصاد الإسباني تمكن من التعافي في السنوات الأخيرة في أعقاب الأزمة المصرفية الكبيرة والتي نتجت عن بانفجار فقاعة العقارات والبناء.
ومع ذلك، فإن المفوضية الأوروبية تتوقع في أحدث تقاريرها تباطؤاً في أداء الاقتصاد، حيث ترى أن الناتج الإجمالي المحلي سيرتفع بنسبة 2.1% و1.9% في العام الجاري و2020.
وتوقعات تباطؤ الاقتصاد الإسباني ناجمة عن الانخفاض في الاستهلاك الخاص ومخاطر ناتجة عن حالة عدم اليقين في توقعات الاقتصاد العالمي.
وقالت وزير الاقتصاد في إسبانيا نادية كلافيانو أن أهدف الاشتراكيين هو الحفاظ على جهود الإصلاح وجذب الاستثمار، عتبرة أن أساسات الاقتصاد قوية.
ولكن كيفية استجابة المستثمرين للتغيير السياسي في إسبانيا يعتمد على مدى سهولة تشكيل حكومة ائتلافية والشكل الذي تتخذه هذه الحكومة.
وتعتقد روسنبيرج أنه لن يتم تشكيل حكومة إسبانية قبل الانتخابات البرلمانية الأوروبية في نهاية مايو على الأقل.
لكنها أشارت إلى أن المالية العامة في إسبانيا ستتعرض للغضط بغض النظر عن الفائز في الانتخابات.
واستطردت: "رغم التحسن الأخير في الوضع المالي للبلاد فإن الحكومة الاشتراكية سوف ترغب في زيادة الإنفاق، كما أن تباطؤ النمو في أوروبا سيضع حدودا على التمويل الحكومي، مع ضغوط الاتحاد الأوروبي المتوقعة لخفض الإنفاق لتقليص العجز المالي".